الخميس، ١٦ أغسطس ٢٠٠٧

دروس موسعة للنساء


في 1672 ، قام أحد الدارسين للكلاسيكيات الصينية ، و اسمه إكن كايبارا ، قام بنشر أحد الكتب المعروفة لعصر إدو ، عنوانه أونا دايجاكو ( دروس موسعة للنساء )، و هو كتاب يشبه نظائره التي جُمعت فيها معايير السلوك المقصود بها إرشاد مختلف الطبقات في عصر إدو. فكما كانت تُوجه الإرشادات إلي الفلاحين بخصوص ما يأكلون و أين يحفرون أماكن الغائط، كذلك كانت توجه إلي النساء تعليمات لإرشادهن إلي السلوك الأمثل لبنات جنسهن : " لا تغفلي " ، " لا تكتبي رسائل للشباب " ، " لا تذهبي إلي الأماكن المزدحمة " ما أشبه. و لكن كتاب الدروس الموسعة اكتسب القدرة علي دوام الشهرة ، ( و لو جزئياً ) - بفضل توصيف قبيح المرأة نصه :
" للنساء خمس نواقص: العقوق و النكد و التشهير و الغيرة و الجهل. و تصيب هذه النواقص سبعاً أو ثماني نساء من كل عشر ، و هذا ما يجعل النساء في مرتبة أدني من الرجال. فكري في نفسك ، و أصلحي من أخطائك. و الجهل هو أسوأ النقائص علي الإطلاق ، و هو الأب الشرعي للأربع الأخريات. النساء هن السلبية ، و السلبية هي الليل ، و هي الظلام ".
هكذا خلقت اليابان ، علي حد تعبير جونيشيرو تانيزاكي ، " عالم أشباحها " ، و هو عالم تحتل فيه النساء أقاصيه السحيقة. و إن المرء ليعجب و يتساءل اليوم ، أي زكريات بين الجنسين لما كانت القدرات الخارقة للنساء ، تلك التي دفعت الرجال للإقدام علي هذه الإدانة الساحقة الماحقة للجنس النسائي؟ و الحق أن حجب النساء تماماً عن الضوء و الإشراق يعبر عن خوف لا عقلي ، بدائي ، يمت لأسباب الوجود الأولي. و إلا فما الذي يدعو إلي حرمانهن بكل هذا التصميم من الشمس ، من ذلك المصدر الأولي للقوة ، الشمس التي اعتبرها الأقدمون رمزاً لهن؟
لم يكن ما احتواه كتاب الدروس الموسعة موجهاً إلي عدد كبير من الناس ، أو ربما لم تكن كذلك بركاته و ذخائره. ذلك أن أغلبية الفلاحين ، و غيرهم من العوام ، ممن هم من خارج دائرة التقاليد العظيمة - طيلة العصر الإقطاعي - كانوا جميعاً متروكين لممارسة ما اعتادوا عليه من شؤون الزواج و العائلة. و ظلت كثير من بقايا المجتمع الأمومي تعيش في الريف ، بعضها حتي قرننا هذا. و بعد أن كانت زوجات الساموراي قد أُغلقت عليهن الأبواب لزمن طويل ، كان يمكن أن يصادف المرء ثقافة مساواة معتبرة بين الريفيين العاديين ، حيث لم يصبح طرف ملكيةً لطرف أخر. و يمكن لرجل حديث الزواج أن يُستوعب في عائلة عروسه ، في تناقض واضح مع ثقافات و ممارسات الطبقة العليا. و لقد كانت حياة القري شاقة دائماً ، و لكن برغم كل شئ ، كانت حياة النساء الريفيات أكثر حرية من حياة نساء الطبقات العليا.

من كتاب : اليابان رؤية جديدة - باتريك سميث ، ترجمة سعد زهران ، سلسلة عالم المعرفة العدد 268 ، صفحة 199

ليست هناك تعليقات: