الاثنين، ٢٠ أغسطس ٢٠٠٧

الإمبراطورية الأمريكية


يتصل بذلك أن الولايات المتحدة لا تعذب نفسها بلغة العواطف أو حديث الذكريات.

و مع أن قصة الإمبراطوريات علي طول التاريخ لم تعرف سخونة الغرام و دفء الحنين - إلا أن الإمبراطورية الأمريكية وصلت في إنكار العواطف و الزكريات إلي مدي غير مسبوق ، فالإمبراطوريات القديمة مثلاً تحملت مرات بإلتزامات أدبية و أخلاقية ، كان ضمنها رعاية حليف أو حماية صديق ، حتي أن جيوش " نابليون " و هي تنسحب من مصر بعد غزوتها الفاشلة في مطالع القرن التاسع عشر ، اصطحبت معها الجنرال " يعقوب " الذي ساعدها ضد قوي المقاومة الوطنية ، و اعتبرت فرنسا أنه من العار عليها أن تتخلى عنه.
لكن الإمبراطورية الأمريكية و بدون عناء ثقيل علي الضمير - تخلت عن أهم رجالها قي الشرق الأوسط و هو شاه إيران " محَمد رِضا بهلوي " ورفضت أن تمنحه حق لاجئ سياسي في أمريكا ، بل و كانت علي وشك تسليمه إلي الثورة الإيرانية في مقابل الإفراج عن الرهائن الأمريكيين الذين احتجزهم شباب الثورة الإسلامية في السفارة الأمريكية بطهران !

................................

................................

وعلي سبيل المثال فقد قامت تجربة بناء الدولة الأمريكية ( أساس الإمبراطورية الجديدة و سندها ) - فكراً و فعلاً و في جزء كبير منها علي جهد آخرين جرى توظيفهم بأسهل الوسائل و أرخص الآثمان ، ( وذلك بند آخر في منطق حساب الأرباح و الخسائر ).

- ففي مجال الفكر كان أمام الدولة الجديدة مخزون التراث الأدبي و العلمي و حصيلة الفكر السياسي و الإقتصادي العالمي بأكمله - و هو تراث دفعت فيه ثقافات آخري دم الرواد من أبنائها ، لكن الدولة الأمريكية حصلت عليه من أوله لآخره دون مقابل - أو حقوق ملكية علمية أو أدبية أو فكرية. ( و مع أن التجربة الأمريكية أبدعت في مجال التطبيق و تفوقت في مجال الإدارة - إلا أن المنابع و المناهل و المراجع الأساسية جاءت إلي أمريكا عابرة للمحيط - دون عناء و مجاناً ).

- ثم وقع في مجال العمل ما وقع قبله في مجال الفكر ، ذلك أن الموارد الهائلة التي كشفت غناها أمام أفواج المهاجرين أكدت لهم من أول نظرة أن استثمارها يفوق طاقة عملهم. و كانت " العبودية هي الحل ". و راحت قوافل السفن تحمل قطعان العبيد من أفريقيا أكداساً ( كالبضائع ) ، يموت نصفهم علي مدة الرحلة بسبب مشاق المحيط و قساوته ، ثم يصل نصفهم الآخر ( بمعجزة ) إلي شطآن العالم الجديد مقيدين بالسلاسل معروضين في المزاد ( و وثائق الدولة الأمريكية تكشف أنه من القرن السادس عشر إلي القرن الثامن عشر وصل إلي الأرض الأمريكية ما بين 25~30 مليون أفريقي أطبقت عليهم قيود العبودية ). و كان هؤلاء العبيد بشهادة كل مؤرخ لنمو الإقتصاد الأمريكي - هم الذين أنشأوا القاعدة الزراعية الأولي التي نهضت عليها الدولة الأمريكية - و هم الذين وقفوا أمام أفران الحديد و الصلب و نارها اللافحة عندما توهجت الثورة الصناعية.

و أكثر من ذلك فإن المجندين السود كانوا هم الذين تحملوا بأصعب المهام في الحروب الأمريكية كلها و آخرها و أشهرها حرب فيتنام. و رغم أن نسبة السكان من الزنوج في الولايات المتحدة تقارب 12% من مجموع السكان - فإن نسبة قتلاهم في الحرب العالمية الأولي بلغت 38% و في حرب فيتنام بلغت النسبة 50% ، حتي أن " مارتن لوثر كنج " الزعيم الزنجي المشهور ( الحاصل على جائزة نوبل للسلام ) لم يكن يكف في مواعظه عن الاستشهاد بالتعبير الذي يقول " إن حرب فيتنام كانت مذبحة كُلف فيها الرجل الأسود بقتل الرجل الأصفر ( يقصد أهل الشرق الأقصى ) ".

و انتهت العبودية دون تصفية آثارها ، و إنما بقى بعدها تمييز عنصري مازال حتي اليوم جُرحاً غائراً في الوجدان الأمريكي - مسكوتاً عنه - لكنه حتي هذه اللحظة دون علاج ، لأن الصمت عن الوجع لا يشفيه.

...........................

...........................

[ و قد فقد السيناتور " ترنت لوت " عضو مجلس الشيوخ عن ولاية مسيسيبي و زعيم الأغلبية الجمهورية مركزه الرسمي لأنه تحسر علي ظرف ضاعت فرصته لتشديد القيود علي الزنوج ، و كانت خسارة السيناتور " لوت " لمركزه لا ترجع لإساءته إلي مشاعر الأمريكيين السود ، و إنما لأنه ذكر - أو أعاد التذكير - بقضية التمييز العنصري ، و هي قضية لا تزال متفجرة - لكن أحداً لا يريد عود ثقاب بالقرب من مستودع البارود].

و كان إنعكاس ذلك على سياسة الإمبراطورية الأمريكية شديد الوطأة ، فالإمبراطوريات القديمة حاولت أن تغطى استغلالها للمستعمرات بدعاوي أخلاقية من نوع " مسئولية الرجل الأبيض عن نشر الحضارة " ، و من نوع " إدخال النور إلي قارات الظلام " ، و من نوع " حرية البحار و حرية التجارة " ، و مع أن هذه الدعاوي كانت - في معظم الأحيان - شحنات من نفاق ، فإن الدلالة الأهم لهم أن " الأقوياء " استشعروا حاجتهم إلي سواتر أخلاقية - و لعل هذه السواتر الأخلاقية أحياناً اعتذار تقدمه القوة بين يديها كي تبرر لنفسها و تلتمس الصفح - لكنه في النموذج الأمريكي فإن هذه السواتر الأخلاقية بدت زوائد لا تحتاجها المصالح ، و بالتالي فإنه لا حاجة إليها ، اتكالاً علي الصمت أن يؤدي واجبه حتي يجئ دور النسيان ليسدل أستاره إلي الأبد.

من كتاب : الإمبراطورية الأمريكية و الإغارة علي العراق - محَمد حَسنين هيكل ، دار الشروق ، الطبعة السادسة 2006 ، صفحة 36

الأحد، ١٩ أغسطس ٢٠٠٧

مافيا

علي أن ما هو أغرب جاء مع المعركة الثانية للقوات الأمريكية علي مسار الحرب ، و هي معركة النزول في صقلية. و كان محتملاً في هذه المعركة أن تكون إنزالاً حقيقياً ( بكل مخاطر عمليات الإنزال من البحر إلي الشاطئ أمام تحصينات قوية و نيران معادية ) - لكن البيت الأبيض تحرك لكل الوسائل ، و شاغل الرئيس فيه ( و هو " فرانكلين روزفلت " وقتها ) : كيف يمكن تقليل خسائر الإنزال في عملية صقلية بأقل كلفة من الدم ، لأن هذه الجزيرة مطلوب منها أن تتسع لنصف مليون جندي أمريكي ثم تتحول إلي منصة قفز لهم علي شبة الجزيرة الإيطالية المتدلية في البحر الأدرياتيكي.

و كان البيت الأبيض بنفسه هو الذي تولي رسم و رتب تنفيذ خطة تقليل خسائر الإنزال في صقلية - و كان الرسم و الترتيب علي شكل مقايضة مباشرة و عملية ( دون روادع من أي نوع : ديني - أخلاقي - قانوني أو غيرها ! ) ، شملت ترتيبات لا تتخفى و لا تتستر - وسياقها علي النحو التالي :

- أن " عصابات المافيا " في نيويورك ( ذلك الوقت ) علي اختلاف أسرها هم في الأصل مهاجرون من صقلية.

- ولعصابات المافيا في هذه الجزيرة اقارب و أنصار و استثمارات كبيرة توفر أرزاقا و تعقد ولاءات ، بل و تشتري السلطة المحلية في الجزيرة.

- ومعني ذلك أن " عصابات المافيا " قادرة علي تسهيل عمليات إنزال القوات الأمريكية القادمة من المغرب إلي صقلية لكي تبدأ غزو إيطاليا ( مقدمة لكسر قبضة ألمانيا و كسر رأسها أيضاً ! ).

- و بناء عليه فقد كلف الرئيس " روزفلت " أحد مساعديه ( " هاري هوبكنز " ) أن يعرض علي زعماء المافيا نيويورك صفقة مقايضة - قبلت بها عصابات المافيا ، و اتفقت عليها بأعصاب باردة - و شروطها :

1- تحصل عصابات المافيا مقدماً علي 25 مليون دولار " لوضع قطع الحلوى في أشداق بعض المسئولين في صقلية ". ( كذلك سجلت مذكرة الرئيس عن الإتصالات ) !

2- تكون للمافيا " حقوق حماية " بعد تحرير ايطاليا ، و هذه الحقوق يلزم أن تكون إيجابية ، بمعني أنها لا تقتصر علي مجرد التغاضي عن نشاط هذه العصابات في أمريكا وحدها ، و إنما تضمن لها فوق ذلك و زيادة عليه مشاركة فاعلة و مؤثرة في الشأن الايطالي.

3- تتشاور الجهات الأمريكية المعنية مع زعماء عائلات المافيا في ترتيب " علاقة عمل " مع أجهزة الأمن الأمريكية تكفل كذلك تغطية نشاط عصاباتها في الولايات المتحدة ذاتها ، بما في ذلك أن يكف مكتب التحقيقات الفيدرالي عن الوقيعة بين علائلاتها و تحريض بعضها علي بعضها الآخر.

و بعد هذه الصفقة - و ليس قبلها - وصلت ناقلات الجنود الأمريكية إلي شواطئ صقلية ، و نزل الجنرال " باتون " و مدرعاته من البحر إلي البر ، و كان زعماء عائلات المافيا و أبنائهم و زوجاتهم و أطفالهم و رجالهم و أعوانهم في الإدارة المحلية ( بل و حتي تلاميذ المدارس ) يلوحون بالأعلام الأمريكية ، و يهللون لوصول كل قارب من قوارب الإنزال الناقلة للجنود و الأسلحة و الذخائر.

و من المدهش أن ذلك الوضع الخاص للمافيا - بناء علي إتفاق النزول الأصلي في صقلية - ظل سارياً حتي وقت قريب. و الشاهد أن محاكمة السياسي الايطالي " جوليو أندريوتي " و الحكم عليه قبل أسابيع قليلة بالسجن 22 سنة بتهمة التغطية السياسية علي عصابات الجريمة المنظمة - جاء مظهراً من مظاهر نفاذ و استمرار ذلك الإتفاق بين حكومة الولايات المتحدة و بين عصابات المافيا سنة 1942 ، و تأكيداً لسريان مفعوله حتي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بأكثر من 60 سنة ( سنة 2002 ) - مع ملاحظة أن " أندريوتي " تولي رئاسة الوزارة في ايطاليا ثماني مرات ! ( و من الغريب أن " أندريوتي " حينما سمع الحكم عليه بالسجن لمدة اثنتين و عشرين سنة لم يغضب و لم يثر ، و إنما ذَكر الصحفيين بعمره ( 85 سنة ) ، و كان تعليقه بسخرية : " يظهر أن هؤلاء القضاة يتصورون أن عمري ممتد إلي الأبد! " ).

و من الأغرب في القضايا المنظورة الآن و المتصلة بنزاهة الحكم في عهد رئيس وزراء ايطاليا الحالي " برليسكوني " - أن ظل عصابات المافيا مازال - حتي هذه اللحظة يحوم حول قاعة المحاكمة - يظهر و يختفي ثم يعود إلي الظهور !

من كتاب : الإمبراطورية الأمريكية و الإغارة علي العراق - محَمد حَسنين هيكل ، دار الشروق ، الطبعة السادسة 2006 ، صفحة 28

مسيحيو المشرق


و في حالة الفوضي تُشارك فيها الأقلام و الحجارة و السيوف ، و تفتي فيها صفحات الجرائد و شاشات التلفزيون و أجهزة الراديو ، و منابر المساجد و أجراس أبراج الكنائس - فإن الأمور في النهاية تحتاج إلي صَوتِ يقول : مَهْلاً !

ثم يكون علي الجميع أن يخفضوا أصواتهم و لو مؤقتاً و يتذكروا أن سُلطة الدولة العليا هي المُكَلفة بالمسئولية قبل غيرها ، و هي القادرة علي أن تلحق ، و الأفضل أن تسبق.


بقي إنه ما دام الحديث كله حديث ضمير فإن هناك ملاحظة لابد لها أن تقال و هي ملاحظة تعبر ضفاف النهر الواحد ، و تتخطي صحاري الوطن المصري ، واصلة بقلق حقيقي إلي المشرق العربي - و هي ملاحظة تتعلق بمسيحيي المشرق ( في فلسطين ، و لبنان ، و سوريا ، و العراق ، و حتي تركيا ).

هناك ظاهرة هجرة بينهم يصعب تحويل الأنظار عنها ، أو إغفال أمرها ، أو تجاهل أسبابها ، حتي و إن كانت الأسباب نفسية تتصل بالمناخ السائد في المنطقة أكثر مما تتصل بالحقائق الواقعة فيه !

و أشعر - ولابد أن غيري يشعرون بذلك - أن المشهد العربي كله سوف يختلف إنسانياً و حضارياً - و سوف يصبح علي وجه التأكيد أكثر فقراً و أقل ثراءً لو أن ما يجري الأن من هجرة مسيحيي المشرق تُرِكَ أمره للتجاهل أو التغافل - أو للمخاوف حتي و إن لم يكن لها أساس.

و ظني أن جموع المسلمين في الأمة مطالبة أكثر من أي وقتِ مضى بأت تعرف و تُدرك بيقين أهمية مواريثها ، و حيوية تَنَوُع ثقافتها ، و خصوصية التركيبة الخلاقة و المبدعة في تشكيل حياتها.

أي خسارة لو أحَس مسيحيو المشرق - بحق أو بغير حق - أنه لا مستقبل لهم أو لأولادهم فيه ، ثم بقي الإسلام وحيداً في المشرق لا يؤنس وحدته غير وجود اليهودية الصهيونية - بالتحديد - أمامه في إسرائيل ؟!

من كتاب :
عام من الأزمات 2000-2001 - محمد حسنين هيكل ، المصرية للنشر العربي و الدولي ، الطبعة الخامسة ، صفحة 52

الجمعة، ١٧ أغسطس ٢٠٠٧

الكاروشي


في الصباح الباكر لأحد أيام شهر يوليو من العام 1990 ، و في فندق ناجويا ، وقف السيد إيشيي تحت الدش ليستحم. و جون إيشيي رئيس قسم في مؤسسة ميتسوي و شركاه ، في السابعة و الأربعين من عمره ، يجيد اللغة الروسية ، و قد كان في ذلك الصباح يستعد لقيادة جولة لعدد من زبائن الشركة الروس ، في مصنع ينتج آلات الورش. غَير أن السيد إيشيي لم يُقدر له أن يكمل حمامه ، حيث سقط تحت الدش و مات في الحال بسكتة قلبية. و كان الرجل قد قام بعشر رحلات إلي روسيا في أثناء عامه الأخير ، بل إنه حقيقة ، كان عائداً لتوه من آخر هذه الرحلات ، و سبق له أن أصطحب عدداً لا يحصي من الأفواج الروسية إلي مختلف أنحاء اليابان. و قامت الشركة بعد وفاته - بقليل - بتقديم تعويض لعائلته قيمته 200 مليون ين : حوالي ربع مليون دولار. و بعد عامين ، أصدرت إحدي محاكم طوكيو حكماً بأن تدفع الحكومة لأرملة السيد إيشيي معاشاً سنوياً قدره مليونا ين مدي الحياة. و استندت المحكمة في ذلك إلي إعتبار أن إيشيي كان ضحية لما يسمي كاروشي أي الموت بسبب الإرهاق في العمل.
لم يكن مصير جون إيشيي أمراً غير مألوف ، ففي العام الذي توفي فيه قدر عدد ضحايا الكاروشي ، أي أولئك الذين يموتون بسبب ضغوط الإرهاق في العمل ، قُدر بعشرة آلاف مستخدم كل عام ، و ذلك وفقاً لتقدير إحدي منظمات مساعدة آسر ضحايا الكاروشي. و الحق أنه كانت قد صدرت أحكام مشابهة قبل موت إيشيي ، و لكنها كانت تتعلق بحلات عمالة بدنية في شركات صغيرة. أما حالة جون إيشيي فهي الأولى التي فيها اعترفت اليابان رسمياً بأن محاربي الشركات الكبرى يمكن أن يموتوا بسبب التفاني في العمل.
و ذكري ضحايا الكاروشي غالباً ما تلاحق عائلاتهم ، فالزوجة مثلاً ( أو الزوج ) تتذكر بعض النُذُر التي لم تنتبه إلي مدلولاتها : الشعور المزمن بالتعب ، فترات الصمت غير المفهومة ، الأرق ، الصداع ، النظرات الزائغة ، و أحياناً يكون الضحايا قد تركوا إيحاءات بأنهم يدركون حقيقة ما يحل بهم ، و إن كانوا - على الطريقة اليابانية المعهودة - يخفون ما يعانونه عن الآخرين. و غالباً ما تنتاب العائلات أحاسيس بأن الشركة و الدولة قد خانتهم ، و لهذا السبب تخوض كثير من عائلات الضحايا معارك طويلة في المحاكم لانتزاع اعتراف بالسبب الحقيقي في موت الضحية.

من كتاب :
اليابان رؤية جديدة - باتريك سميث ، ترجمة سعد زهران ، سلسلة عالم المعرفة العدد 268 ، صفحة 162

الخميس، ١٦ أغسطس ٢٠٠٧

دروس موسعة للنساء


في 1672 ، قام أحد الدارسين للكلاسيكيات الصينية ، و اسمه إكن كايبارا ، قام بنشر أحد الكتب المعروفة لعصر إدو ، عنوانه أونا دايجاكو ( دروس موسعة للنساء )، و هو كتاب يشبه نظائره التي جُمعت فيها معايير السلوك المقصود بها إرشاد مختلف الطبقات في عصر إدو. فكما كانت تُوجه الإرشادات إلي الفلاحين بخصوص ما يأكلون و أين يحفرون أماكن الغائط، كذلك كانت توجه إلي النساء تعليمات لإرشادهن إلي السلوك الأمثل لبنات جنسهن : " لا تغفلي " ، " لا تكتبي رسائل للشباب " ، " لا تذهبي إلي الأماكن المزدحمة " ما أشبه. و لكن كتاب الدروس الموسعة اكتسب القدرة علي دوام الشهرة ، ( و لو جزئياً ) - بفضل توصيف قبيح المرأة نصه :
" للنساء خمس نواقص: العقوق و النكد و التشهير و الغيرة و الجهل. و تصيب هذه النواقص سبعاً أو ثماني نساء من كل عشر ، و هذا ما يجعل النساء في مرتبة أدني من الرجال. فكري في نفسك ، و أصلحي من أخطائك. و الجهل هو أسوأ النقائص علي الإطلاق ، و هو الأب الشرعي للأربع الأخريات. النساء هن السلبية ، و السلبية هي الليل ، و هي الظلام ".
هكذا خلقت اليابان ، علي حد تعبير جونيشيرو تانيزاكي ، " عالم أشباحها " ، و هو عالم تحتل فيه النساء أقاصيه السحيقة. و إن المرء ليعجب و يتساءل اليوم ، أي زكريات بين الجنسين لما كانت القدرات الخارقة للنساء ، تلك التي دفعت الرجال للإقدام علي هذه الإدانة الساحقة الماحقة للجنس النسائي؟ و الحق أن حجب النساء تماماً عن الضوء و الإشراق يعبر عن خوف لا عقلي ، بدائي ، يمت لأسباب الوجود الأولي. و إلا فما الذي يدعو إلي حرمانهن بكل هذا التصميم من الشمس ، من ذلك المصدر الأولي للقوة ، الشمس التي اعتبرها الأقدمون رمزاً لهن؟
لم يكن ما احتواه كتاب الدروس الموسعة موجهاً إلي عدد كبير من الناس ، أو ربما لم تكن كذلك بركاته و ذخائره. ذلك أن أغلبية الفلاحين ، و غيرهم من العوام ، ممن هم من خارج دائرة التقاليد العظيمة - طيلة العصر الإقطاعي - كانوا جميعاً متروكين لممارسة ما اعتادوا عليه من شؤون الزواج و العائلة. و ظلت كثير من بقايا المجتمع الأمومي تعيش في الريف ، بعضها حتي قرننا هذا. و بعد أن كانت زوجات الساموراي قد أُغلقت عليهن الأبواب لزمن طويل ، كان يمكن أن يصادف المرء ثقافة مساواة معتبرة بين الريفيين العاديين ، حيث لم يصبح طرف ملكيةً لطرف أخر. و يمكن لرجل حديث الزواج أن يُستوعب في عائلة عروسه ، في تناقض واضح مع ثقافات و ممارسات الطبقة العليا. و لقد كانت حياة القري شاقة دائماً ، و لكن برغم كل شئ ، كانت حياة النساء الريفيات أكثر حرية من حياة نساء الطبقات العليا.

من كتاب : اليابان رؤية جديدة - باتريك سميث ، ترجمة سعد زهران ، سلسلة عالم المعرفة العدد 268 ، صفحة 199

تعليم البنت في مصر


رغم افتتاح مدرسة للمولدات و الحكيمات في مصر سنة 1832 ، و رغم افتتاح الانجليز لمدرسة بتعليم البنات سنة 1835 م و كان أكثر بناتها من بنات الأقباط ( المسيحيات ) و قليل منهن من المسلمات ، و خرجت عددا منهن قادرات علي القراءة و الكتابة و كسب العيش بالتطريز و أشغال الأبرة ، و رغم أن محمد علي كان يسمح لبعض المعلمات الأوروبيات بتعليم فتيات الأسرة الحاكمة و حريمها ، و رغم أن وجهاء القوم من الطبقة الأرستقراطية نهجوا نفس نهجه ، فإن عصر اسماعيل ينتهي سنة 1879 م و ليس بمصر سوي مدرستين للبنات ، السيوفية انشئت في يناير سنة 1873 م و القريبية في أبريل من نفس السنة ، السيوفية افتتحت بجهود ثالثة زوجات اسماعيل ، و اعتمدت في البداية علي الفتيات الجواري من بيتها و بيوت أميرات و أمراء الأسرة الحاكمة.

و ساعدت جودة المعيشة داخل المدرسة نظراً لما تقدمه من غذاء و ملبس علي تزاحم الناس لادخال بناتهم اليها فامتلأت بالداخليات المحلات المُعدة لهن و عددها مائتان ، و اضطرت ادارة المدرسة امام هذا الاقبال أن تنشئ مائة محل أخري ، و لكن خارجية ، لمن لم يمكن قبلولهن في مصاف الداخليات.

و كانت المدرسة الجديدة تحت نظارة سيدة سورية و كانت برامجها التعليمية تدور حول القرآن الكريم ، و اللغة التركية ، و الرسم. و كان بها ثماني مدرسات : أربع لأشغال الأبر و التطريز و واحدة للبيانو و واحدة للغسيل و الصبغ و الكي ، و اثنتان للأشراف.

و بناء علي نجاح الاقبال علي السيوفية تم انشاء مدرسة أخري للبنات علي غرارها باسم مدرسة القريبية. و لكن بعد عزل الخديو اسماعيل تم دمج المدرستين في واحدة ، فساء حالها مما دعا دور بك إلي رفع تقرير عن المدرسة حث فيه علي ايجاد ادارة حازمة ، و حذف بعض المواد الدراسية التي لا تتناسب مع طبيعة تعليم البنت في البيئة المصرية. كما اقترح قومسيون المعارف انشاء مدرسة للبنات في مدينة اخري غير القاهرة ، لكن لم ينفذ الاقتراح.

أي أن أكثر من أربعين سنة ( منذ افتتاح مدرسة المولدات سنة 1832 حتي افتتاح مدرسة السيوفية سنة 1873 ) في مجتمع يأخذ بأسباب النهضة و التقدم لم تسفر الا عن مدرسة واحدة للبنات سيئة الحال ، غير أن هذا كان علي مستوي الفعل الرسمي للحكومة ، أما علي المستوي الفكري و الثقافي فقد شغلت قضية تعليم البنت أذهان معظم المفكرين و التربويين في تلك الفترة و منهم الطهطاوي صاحب كتاب المرشد الأمين في تعليم البنات و البنين الدعوة الأولي لتعليم البنت في مصر. و قبل عرض آراء الطهطاوي في تعليم البنت نورد الملاحظات التالية :

- أن الدعوة لتعليم البنت كجزء من الدعوة إلي تحريرها ، تمت في مجتمع أمي بالجملة ذكوراً و إناثاَ.

- أن الدعوة تمت في مجتمع ذكوري أبوي مستبد علي المستويين السياسي و الاجتماعي ، ففي السياسة حكم مطلق فردي مستبد ، و في البيت يمثل الرجل صورة مصغرة من الحاكم ، و من هنا احتلت المرأة المكانة الثانية بعد الرجل ، و بالتالي فرضت عليها التبعية و وضعت خارج نطاق الحياة رغم مالها من مكانة حيوية.

- بناء علي ما سبق ، كانت الدعوة لتعليم البنت في مجتمع يقرن بقوة و عسف و إصرار بين التعليم و الفجور ، بين السفور و الخلاعة ، أي يتناول القضايا المتصلة بموضوع المرأة وفق معيار أخلاقي متعنت.

- أن الدعوة و علي ما يبدو كانت موجهة لطبقة اجتماعية معينة ، و هي الطبقة الميسورة المحافظة و التي تنفر من سفور المرأة و تعليمها و اختلاطها و عملها ، أي مشاركتها الحياة العامة بوجة عام. أما بالنسبة لنساء الطبقات الفقيرة من العمال أو الفلاحين فقد كن يرحن و يجئن طليقات من غير قيد ، و كثيراً ما يتفق أن يكلفهن أزواجهن من المهام خارج البيت.

مما سبق يتضح أن موقف المجتمع المصري من قضايا المرأة كان يعكس فكر القرون الوسطي. و من هنا يمكن اعتبار فكرة الطهطاوي الخاصة بقضايا المرأة أول اطلالة مصرية للمرأة تعبر عن فكر العصور الحديثة ، مع ملاحظة أن هذه الاطلالة تعبر في الاساس عن عقلية ازهرية دينية في المقام الأول مما ينفي عن الإسلام شبهة وأد حقوق المرأة.

و يبدأ الطهطاوي مناقشته لقضية تعليم المرأة بالحكم علي من لا يوفيها حقوقها بالطبيعة " المتبربرة " و يرد علي من يعارض منح المرأة حقوقها بحجة ضعفها ، بأن ذلك ليس من طبيعة جنسها ، بل هو ثمرة أوضاع بيئية و اجتماعية و تربوية ، بدليل أنه عندما " انتظم نساء اليونان في سلك التربية ، اكتسبن من التعليم فضائل الرجال و صحت الأبدان ، فبهذا كان لهن السلطة العليا علي قلوب الرجال بحسن التربية و التعليم ، فكان يجب عليهن معاناة الرياضات الشاقة و استمرار اللعب كالمصارعة ، فذلك حدث في تلك البلاد ، مدة طويلة ، من العجائب و الغرائب ما يساوي شجاعة الرجال ".
و يدلل الطهطاوي علي حق المرأة في التعليم في حياة الرسول ( صلي الله عليه و سلم ) حيث كان في أزواجه ( صلي الله عليه و سلم ) من تكتب و تقرأ كحفصة بنت عمر و عائشة بنت أبي بكر و غيرهما ، و أنه لم يعهد في النساء ابتذالاً بسبب تعليمهن و معارفهن ، فتعليمهن تنوير للعقول بمصباح المعارف المرشد لهن ، فلاشك أن حصول النساء علي ملكة القراءة و الكتابة ، و علي التخلق بالأخلاق الحميدة ، و الأطلاع علي المعارف ، هو أجمل صفات الكمال الإنساني ، و هو أشوق للرجال المتحضرين من الجمال ، فالأدب للمرأة يغني عن الجمال ، لكن الجمال لا يغني عن الأدب ، لأنه عرض زائل. و أيضاً أدب المرأة و معارفها تؤثر تأثيراً كبيراً في أخلاق أولادها ، إذ البنت الصغيرة متي رأت أمها مقبلة علي مطالعة الكتب و ضبط أمور البيت و الاشتغال بتربية أولادها جذبتها الغيرة إلي أن تكون مثل أمها ، بخلاف ما اذا رأت أمها مقبلة علي مجرد الزينة و التبرج .. و قد قضت التجربة في كثير من البلاد أن نفع تعليم المرأة أكثر من ضرره ، بل أنه لا ضرر أصلاً ، فليتمسك كل من الفريقين ، الذكور و الإناث ، بفضل التعليم و التعلم و ليتشبثوا جميعاَ بأذيال المدارس و المطالعة ليقتطفوا من ثمار العلم و منافعه.

فالتعليم هنا يزيد الإنسان - ذكراَ أو أنثي - أدباَ و عقلاَ و يجعله بالمعارف أهلاً .. و يحسن فيه الأدب و يساهم في تكوين الأسرة المتماسكة لما يحققه فيها من حسن المعاشرة.

فتعليم المرأة يكون علي قدم المساواة مع الرجل رغم أن المرأة تتميز بتدبير المعايش الأولية ، و للقيام بالأشغال الضرورية و المتاعب المعاشية و مباشرة فراش المرض. و تخفيف الآلآم و الأسقام.

كما يحق للمرأة أن تعمل عند اقتضاء الحال ، فتتعاطي المرأة من الأعمال و الأشغال ما يتعاطه الرجل علي قدر طاقتها.

من كتاب : التعليم و التغيير الاجتماعي في مصر في القرن التاسع عشر - سامي سليمان محمد السهم ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2000 ، صفحة 256

الصيد


هناك ظاهرة تَستَوقِف النظر ، و لا بد أن يلاحظها كل قارئ مُهتَم بالملفات الاسرائيلية و يقرأ فيها قراءة تحقيق و تدقيق.

خلاصة هذه الظاهرة أن لاسرائيل تجاه العالم العربي أكثر من سياسة ، و هذا مفهوم في جزء منه ، بمعني أن اسرائيل يمكن أن تكون لها سياسة مع دول عربية ليست لها حدود مباشرة معها - و تكون هذه السياسة مُختلفة عن سياستها مع دول ملاصقة لها - و بالتالي فإن اسرائيل مع دول مثل السعودية و غيرها من دول الخليج تستطيع أن تتخذ سياسة حِرص من بعيد عارفة حَق الفواصل الجغرافية و مُحَدداتها. و كذلك فإن اسرائيل يمكن أن تكون لها سياسة خاصة لها اعتباراتها و خلفياتها مع بلد مثل الأردن رغم ملاصقته لها في الجوار. و لكن الذي يَستَوَجِب الملاحظة و يَستَحِقها هو وجود اختلاف في السياسات المتبَعة إزاء مصر و تلك المتبَعة إزاء سوريا - بينما كلاهما مجاوِِر لاسرائيل - بالإلتصاق - و كلاهما مُعاد لها - بالمبادئ و التصرفات.

و مع أن عداء اسرائيل للبلدين - مصر و سوريا - مُحَقق و مُؤكد - إلا أن التعبير الاسرائيلي عن العَداء مُتَباين : ففي حالة سوريا بُعَبر العَداء عن نفسه بأسلوب ، بينما هو في حالة مصر يَتخذ أسلوباً غيره. و في بعض الأحيان يبدو الخلاف في السياسات الاسرائيلية إزاء مصر و سوريا مُوحِياً بأن مَطالب اسرائيل في الجنوب ، غير مطالبها في الشمال. و من ثم فإن طريقة مواجهتها للطرف العربي - الجنوبي الأفريقي في مصر - مختلفة عن مواجهتها للطرف العربي - الشمالي الآسيوي في سوريا.

و الحاصل أنه مع سوريا فإن العداء الاسرائيلي يَعتَمد أسلوباً يكاد تركيز ضغطه أن يكون علي الأعصاب ، بحيث يستثيرها و يُفقدها التوازن. و إزاء مَحدودِية الفُدرة علي رَد الفِعل فإن الضغط علي الأعصاب - كذلك التقدير - يُحَول كل التفاعلات إلي احتقان يَرتَد أثره إلي الداخل السوري قبل أن يَنفَجِر ناراً علي الحدود.

و أما مع مصر فإن العداء الاسرائيلي يَظهَر منذ اللحظة الأولي تصميماً علي القتل ، فالعداء علي الجبهة المصرية باستمرار حرب لسفك الدَم دون أي اعتبار أخلاقي أو إنساني ، و لكسرِ الإرادة و ليس لمجرد استثارة الأعصاب أو الاعتماد علي احتقان داخلي !

ثم لا يلبث القارئ المحقق المدقق أن يكتشف أن وراء اختلاف التعبيرات عن العداء في الحالة المصرية عنها في الحالة السورية أسباباً منطقية تكشف عن نفسها دون عناء كبير :

1- عداء اسرائيل لمصر يهدف إلي إبعادها و إخراجها عن الصراع العربي الاسرائيلي و يُعَزز هذه اعتقاد بأن عودة مصر إلي ما وراء حدودها في أفريقيا هدَف ممكن.

و أما في الحالة السورية فإن سوريا موجود بالجغرافيا و التاريخ داخل البؤرة المباشرة للصراع العربي الاسرائيلي - حتي تكاد فلسطين أن تكون جزءاً من سوريا ( و قد كانت فلسطين بالفعل هي سوريا الجنوبية ( الشام الجنوبي ) بفعل الحقائق الجغرافية في الإقليم ، و تلك حقائق أكدَت نفسها لزَمَن طويل في تاريخ هذا الإقليم و إذن فإن سوريا - علي عكس مصر - لا يمكن إخراجها - و إذا كان ذلك فهي باقية - مهما حدث - جزءاً من جسمه الحي ).

2- و علي هذا الأساس فإن أقصي العنف ضروري مع مصر لأن الهدف هو قطع اتصالها بالمشرق العربي - و إذن فهي الجراحة دَمَوِية و حتي بدون تطهير للجَرح أو تضميد. و أما مع سوريا فإت الجراحة ليست ضرورية ، و الجَرح ليس مَطلوباَ - و إذن فالترويض أنفَع من العُنف ، و التطبيب أنجَع من الجراحة ، إلا في الحالات القصوي و في أضيق الحدود.

3- يتصل بذلك أن اسرائيل لا تَدعي لنفسها مَطالب من أي نوع ( أسطوري ، أو تاريخي ) في مصر ، و كل ما تريده من مصر هو أن تَحِل عنها و تُرَتب حياتها و مُستقبلها بعيداً عنها في أفريقيا.

و أما سوريا فإن مَطالب اسرائيل علي أجنابها ، كما أن بعض المطالِب في أطرافها مباشرة خصوصاً مَطلب المياة.

4- و معني ذلك أن اسرائيل لا تُمانع أن تقطع كل الصلات بمصر إذا هي انعزلت ، و لكنها لا تستطيع أن تقطع صلاتها بسوريا و هي قلب الشام ، بينما فلسطين في الواقع الجغرافي و التاريخي جزء من الشام - لأنها بالضبط جنوبه.

و هكذا فإن اسرائيل جاهزة لاستعمال أقصي درجات العنف لإبعاد مصر حتي و إن خَلقَت ثارات في الدَم تَستَوجب القصاص - لكنها مع سوريا لا تريد لثأر الدَم أن يَتَعَمق - و قصاري ما تَسمَح به - من جانبها - مع سوريا عُقَد نَفسِية مُستحكَمة يمكن حلها ذات يوم إذا انسلخت الأجواء ( كذلك يُقَدرون؟! ).

5- و أخيراً فإنه مما يُزَكي هذا التباين في السياسات الاسرائيلية بين أسلوب التعامل مع مصر و أسلوب التعامل مع سوريا - وجود إدراك اسرائيلي عميق يري أن مصر بحَجمِها و مواردها هي مفتاح الحرب لأنه بغيرها لا يملك العرب إمكانية القتال - و أما مع سوريا فهي بموقعها و بدَورِها مفتاح السلام ، و بغير توقيعها علي صَكه النهائي تظل بؤرة الصراع و محيطها في حالة تَوَتُر و قلق.

و في سياق الحوادث المؤدية إلي ظروف سنة 1967 و ملابستها فإن الجنرال " أهارون ياريف " مدير المخابرات العسكرية الاسرائيلية ( " أمان " ) كان هو الأدق في تصوير الفارق بين تعبيرات السياسة الاسرائيلية في عدائها لسوريا ، و بين تعبيراتها في عدائها لمصر. و قد وَرَدَ وصف الجنرال " ياريف " في مذكرة ضمن أوراقه التي أودِعَت في مركز للدراسات الإستراتيجية أطلق عليه اسمه بعد وفاته. و يَظهَر أن الجنرال " ياريف " قَدَمَ مذكرته إلي اجتماع سياسي علي مستوي عال في أوائل سنة 1966 ، و في هذه المذكرة حاول " ياريف " أن يطرح تقديراته للموقف علي ضوء التطورات التي أعقبت مؤتمر القمة العربي الذي عُقد في الرباط في 12 سبتمبر 1965. و في مقدمة ورقته ذكر " ياريف " أن اللواء " أمين حافظ " كان أعلي الأصوات المنادية بحرب اسرائيل إلي النهاية في مؤتمر " كازابلانكا " - في حين أن الرئيس " ناصر " رَد عليه بنبرة تَعَقل أوضح فيها أن سوريا ينبغي عليها أن تراعي في تصرفاتها أقصي درجات الحَذّر لأن العرب في اللحظة الراهنة عليهم أن يزيدوا من دَرَجة استعدادهم و إمكانية التنسيق بينهم ليكونوا قادرين علي الدفاع عن أنفسهم و عن مشروعاتهم داخل حدودهم.

ثم مضي الجنرال " ياريف " ليقول في الخُلاصة :

" مع أن دمشق هي نداء الحرب في هذه اللحظة و القاهرة هي صوت الحَذَر - فإن تقديرات اسرائيل لتصرفاتها لابد أن تقوم علي أساس أن الخطر الرئيسي علي اسرائيل من الجنوب و ليس من الشمال " ! و و فيما بعد ( بسنين طويلة ) شارك الجنرال " ياريف " في مؤتمر خاص رَتبَته كلية الدفاع و الأمن القومي الأمريكية الشهيرة " ليفنورث "
سنة ( 1975 ) ، و كان موضوع المؤتمر " مستقبل الصراع في الشرق الأوسط ". و أثناء إحدي مُداخلاته في مَسار المناقشة طَرَحَ الجنرال " ياريف " تقديراته مرة أخري في تَشبيه مُعَبر و حَي كأنه صورة مُلَونة ، فقد قال ما مُؤداه إن " السلام سوف يُداوي كل جراح الحروب السابقة بيننا و بين العرب. و صحيح أننا لجأنا إلي العنف مع المصريين أكثر من غيرهم ، و لكنكم تعرفون أنهم الطرف الأقوي و الأخطر ، و لقد كان أسلوبنا في الحرب مع العرب إذا أخذنا بفنون الصيد في البحر و تَنَوعها هو :

- في الشمال - مع سوريا و لبنان - كنا نصطاد بالشَبَكة - تحاول الإمساك بالسَمَكة دون أن تجرحها.

- أما في الجنوب - مع مصر - فلم يكن مأموناً أن نصطاد " الوحش " بالشَبَكَة ، و لذلك كان ضرورياً أن نستعمل الـ " هاربون " ( الرُمح أو الحَربة المُثَبت علي بندقية قاذفة الذي يُستَعمَل للصيد في الأعماق ، و هو يلحق جراحاً غائرة - و أحياناً قاتلة - بالسَمَك الكبير الذي يصيبه ). و الحقيقة أن التجاء الجنرال " ياريف " في التشبيه إلي فنون الصيد : الصيد بالشَبَكة أو الصيد بالحَربَة ( الـ " هاربون " ) - دقيق ، و هو قادر علي شرح الكثير من تصرفات اسرائيل علي الساحات السياسية و ميادين العَمل العسكري.

من كتاب : عام من الأزمات ( 2000-2001 ) محمد حسنين هيكل ، المصرية للنشر العربي و الدولي ، صفحة 335

السبت، ١١ أغسطس ٢٠٠٧

عبد المنعم رياض



كان " عبد المنعم رياض " طرازاً نادراً من العسكريين العرب ، فقد كانت له القدرة علي الرؤية الإستراتيجية ، و كان واحداً من قلائل يملكون الثقة في إمكانية الإنتصار في المعركة مع اسرائيل إذا إعطيت لها إمكانياتها و إختير توقيتها الملائم. و كان إيمانه بحتمية القتال لاسترداد الأرض ثابتاً ، و كان رأيه في ضرورة القتال يمتد إلي ما هو أبعد من المطلب العسكري ، إذا كان يعتبره قضية شرف حتي علي المستوي الفردي لكل مواطن ، و لم يكن يكف عن القول بأن ضرورة القتال أمر يتصل بكل رجل و كل أمرآة " في هذا البلد " ، و كان يقول " إننا لو خرجنا من هذه الأزمة بحل دبلوماسي حتي و إن كان مقبولاً ، فإن هذا البلد قد يتحول إلي مرتع للسماسرة بالنهار ، و مرتع للغواني بالليل ! " ربما كان تقديراً متعسفاً و لكن " عبد المنعم رياض " كان شديد الإقتناع به ، كما كان شديد الإقتناع بأن هناك إمكانيات قيادية لدي ضباط الجيش المصري لابد من إعطائها الفرصة ، " فالقادة العسكريون الكبار يصنعون ولا يولدون ، و الذي يصنعهم هو العلم و التجربة و الثقة و الفرصة ". و لم يكن في حديثه يكف عن لازمتين لم تغيبا قط عن لسانه :
  • العودة إلي سيناء حتمية.
  • ثم إن هناك الجبهة الشرقية ، و هي قائمة و يمكن أن تكون مؤثرة.

و كان " جمال عبد الناصر " يعتبر لأسباب كثيرة أن " عبد المنعم رياض " هو " قائد المعركة الكبيرة و المنتظرة ... و رجلها ".
و هكذا كان استشهاده صدمة حاول استيعابها ، و راح بعدها يتابع و يراقب و يفرز تصرفات القادة باحثاً عن رجل جديد للمعركة الكبيرة القادمة ، و في ذلك الوقت كانت تقديراته لها : ربيع سنة 1971

من كتاب : أكتوبر 73 السلاح و السياسة - محمد حسنين هيكل ، مركز الأهرام للترجمة و النشر 1993 ، صفحة 107

إقرأ عن عبد المنعم رياض علي الجزيرة - المعرفة - ملفات خاصة

شعر لنزار قباني من موقع دمشق أونلاين

نزار قباني

عبد المنعم رياض
في ذكرى رئيس الأركان المصري الذي استشهد على جبهة القتال في السويس 1969

لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ..

لو يعرفونَ أن يموتوا.. مثلما فعلتْ

لو مدمنو الكلامِ في بلادنا

قد بذلوا نصفَ الذي بذلتْ

لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ

قد خرجوا.. كما خرجتَ أنتْ..

واحترقوا في لهبِ المجدِ، كما احترقتْ

لم يسقطِ المسيحُ مذبوحاً على ترابِ الناصرهْ

ولا استُبيحتْ تغلبٌ

وانكسرَ المناذرهْ…

لو قرأوا – يا سيّدي القائدَ – ما كتبتْ

لكنَّ من عرفتهمْ..

ظلّوا على الحالِ الذي عرفتْ..

يدخّنون، يسكرونَ، يقتلونَ الوقتْ

ويطعمونَ الشعبَ أوراقَ البلاغاتِ كما علِمتْ

وبعضهمْ.. يغوصُ في وحولهِ..

وبعضهمْ..

يغصُّ في بترولهِ..

وبعضهمْ..

قد أغلقَ البابَ على حريمهِ..

ومنتهى نضالهِ..

جاريةٌ في التختْ..

يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرتْ

الخطوةُ الأولى إلى تحريرنا..

أنتَ بها بدأتْ..

يا أيّها الغارقُ في دمائهِ

جميعهم قد كذبوا.. وأنتَ قد صدقتْ

جميعهم قد هُزموا..

ووحدكَ انتصرتْ

مصراييم


يبدو من مجمل الوثائق أن " دافيد بن جوريون " مؤسس دولة اسرائيل و أول رئيس للوزارة فيها بعد الإعلان عن قيامها - كان مسكوناً طول الوقت ببلد اسمه " مصر " ( " مصراييم מצרים" كما كان ينطق و يكتب بالعبرية ) - و شعوره نحو هذا البلد لا يتغير ولا يتبدل و إن تأرجح بين القلق الشديد و الكراهية العميقة ، و هو يستذكر و يستعيد في إشارته إليه ما وَرَدَ في التوراة المتداولة في اسرائيل من نعوت و أوصاف تمس مصر و شعبها ، و هي نعوت و أوصاف متمادية في معظم الحالات إلي درجة الشتم المقذع و السَب !

و في تجربته هو - بعيداً عن " المأثورات التوراتية - فإن إشاراته إلي مصر تَرِد من أول لحظة ضمن تعبيرات من نوع " باشوية مصر " - أو " دولة الباشوات المصريين " ( و لعله أثر باق من فترة دراسته و إقامته في إستنبول ) - و لكن التَحَيُز يَبين حين يذهب إلي تعبيرات من نوع " الباشوات و خَدمهم من الفلاحين " أو " الأمراء الألبان و الشركس و عبيدهم من المصريين " ، و " شعب مصر هذا المزيج من الذل والإدعاء " !

و لم تكن مصر داخلة في حسابات " بن جوريون " اثناء تفكيره و تخطيطه لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين ، فقد كان يراها مُلتَهِية بأمورها و مشغولة بعلاقاتها مع بريطانيا ، كما كان يري في أجزابها السياسية مجرد هياكل طبقية تحمي مصالح كبار مُلاك الأرض الزراعية ، و يري أكبر رجالها لعباً في يد مُتَمَولين أجانب ينهبون البلد و سوف يواصلون نهبه !

و حتي حين وضعت مصر توقيعها علي ميثاق جامعة الدول العربية ( سنة 1944 ) فقد كان رأي " بن جوريون " أن الجامعة العربية من أولها إلي آخرها " لعبة إنجليزية " - لكنه حين دعا الملك " فاروق " إلي أول مؤتمر عربي في " إنشاص " بدأ " بن جوريون " يراجع حساباته ، فهذا المؤتمر العربي الأول علي مستوي الملوك توافق مع مجئ مفتي القدس الحاج " أمين الحسيني " لاجئاً إلي مصر و مُحتمياً بالملكِ " فاروق ". ثم كان - ايضاً - أن تَوَافَقَ ظهور مفتي القدس و ضيوف " فاروق " من الملوك العرب في نفس الوقت و في نفس القصر - لكن " بن جوريون " أراح نفسه بأن سَجلَ باستخفاف أن ملكِ مصر " يلهو بأوهام أكبر من قدرته " سوف يعرف يوماً - و عما قريب - " أن كل هؤلاء الملوك و الرؤساء الذين جمعهم في قصره لا يُمَثلون أكثر من حِلف كراهية. يحقد أعضاؤه علي بعضهم قبل حقدهم علي أي طرَف خارجي ".

لكن " بن جوريون " راح يعتبر " لهو " الملكِ " فاروق " خطراً محتملاً عندما تَبَين له أن مصر سوف تشارك - رغم ما نقله إليه أصدقاء له من الأجانب و العرب ، و من اليهود المصريين ، عن معارضة قوية من مصر تُعارض اشتراكها في حرب محتملة في فلسطين إذا قامت فيها دولة يهودية.

كان " بن جوريون " مُطلعاً علي رسائل كتبها الحاخام الأكبر للطائفة اليهودية في مصر " حاييم ناحوم " أفندي. و لم يكن الحاخام الأكبر في مصر يكتب لـ " بن جوريون " لكنه كان يكتب لصديقه الدكتور " ماجنس " رئيس الجامعة العبرية في القدس. لكن الحاخام كان يُقَدِر ( و تقديره صحيح ) أن " بن جوريون " سوف يطلع بوسيلة ما علي ما يكتبه.

و كان " حاييم ناحوم " أفندي علي صلة بالملكِ " فاروق " و بكل رجال القصر الملكي ، و بعدد من الساسة المصريين من كل الأحزاب و الإتجاهات ، و كان مُقَرباً من أغلبهم خصوصاً و قد كان معارضاً للصهيونية و مشروعها ، لكن الرجل في النهاية كان مُنحازاً لأهله ، فإذا كانت هناك دولة يهودية علي وشك أن تقوم في فلسطين ، فليس أمام الحاخام مفر من تأييدها حتي لو جاءت خطواته بطيئة مُتثاقِلة ، علي عكس وكيله في مقر " الحاخامية " الذي كان داعية مُندَفِعاً إلي تأييد مشروع الدولة ، و يَعتَبِر مناصرة الحركة الصهيونية مُرادِفة للصلوت في المعابد و موازية لها في ممارسة العقيدة. و من المفارقات أن نائب الحاخام الأكبر في مصر كان اسمه " أوفاديا يوسف ".

.............................

.............................

[ و هو الآن الراعي الروحي و السياسي لحزب " شاس " الذي يملك سبعة عشر مِقعَداً في الكنيست الحالي ، و كان يشارك في ائتلاف حكومة " باراك " حتي خرج احتجاجاً علي مجرد طرح موضوع القدس للمناقشة في محادثات " كامب دافيد " الثانية في اجتماع " كلينتون " و " باراك " و " عرفات " خلال شهر يوليو الأخير سنة 2000 ، ثم كان هو القائل في مؤتمؤ صحفي منذ أسابيع أن العرب كلهم " جراد " و " بهائم " و " وحوش " لا يصح لاسرائيل أن تقترب منهم أو تتصل بهم أو تجتمع بأيِ منهم في مكان واحد ! ].

............................

............................

من كتاب : عام من الأزمات 2000-2001 - محمد حسنين هيكل ، المصرية للنشر العربي و الدولي ، الطبعة الخامسة ، صفحة
249

لا نحب من يصدمنا


نحن لا نحب الحقيقة. و إنما نحن نضطر إلي حبها. فالحقيقة التي تصدمك هي التي تصدك بعيداً عنها. وهي التي تفضحك أمام نفسك و أمام الناس. و لذلك فأحب الدعوات إلي الناس : الستر .. أي أن يظل مغطي بالملابس الثقيلة ، أو بالجدران الغليظة ، فلا يراه أحد علي حقيقته ..
فلو قلت لك مثلاً : إنه لا يوجد حب في هذه الدنيا. و حياتك كلها مصالح. عندك مصلحة فأنا أحبك و أموت فيك. انتهت المصلحة فلا أحب أن أري وجهك و لا أسمع صوتك .. إذا رأيتك فكأنني لا أراك .. لأنني إذا أبديت اهتماماً غير عادي بك ، كأن معني ذلك أنني أحمل لك إمتناناً خاصاً .. و أنا لا أحب أن أكون ممتناً لأحد .. و لذلك لا أحب أن أراك و إذا رأيتك فلا أحب أن أتذكر أنك خدمتني .. فأسهل حل هو ألا أراك .. أو كأنني لا أراك !
و الحكمة تقول : إتق شر من أحسنت إليه .. و هي صحيحة !
فهل تحب أن أستمر في هذا المعني و أضرب لك أمثلة من حياتي و حياتك .. أو أطلب إليك أن تتذكر ما الذي حدث لك مع أولادك و زوجتك و أصدقائك و زملائك.
أنت تعرف مثلي تماماً. و لكن لا نحب أن يصدمك أحد في زوجتك و أخواتك و أولادك ، لأن هذه الصدمة ستؤدي إلي إختفاء وهم جميل أنت تعيش فيه .. و أنت تفضل الأكذوبة الجميلة علي الحقيقة الجافة.
فلو قلت لك بلغة الكرة : إن كل الذين حولك يتربصون بك .. ينتظرون يوم تقع من فوق مقعدك أو من فوق سريرك .. فالجميع بلغة الكرة " يسخنون " أنفسهم لكي ينقضوا عليك. و هي حقيقة و لكنك لا تحب ذلك. فوراءك طابور طويل ينتظر اليوم الذي تختفي فيه .. هل أكمل كلامي أم أنك لم تعد قادراً علي أن تقرأ ما هو أكثر؟ سوف أكمل كلامي .. أن الذي تسمعه يقال عن رؤسائك و عن الأباء و الأغنياء و نصف الأغنياء الآخرين ، هو بالضبط الذي يقال وراءك و لكنك لا تسمع ولا تري .. فالإنسان هو هو .. سواء كان ابناً أو أخاً أو زوجة أو أماً .. هو هو .. إنها صدمة لك .. هذا صحيح.
و لكن هذا هو حال الدنيا : الناس لهم أنياب و أظافر و أعماقهم في لون شوارع زمان عندما كان الزفت يغطيها ناعماً لامعاً - إنها الحقيقة ناصعة السواد !

من كتاب : وأخرتها ؟! - أنيس منصور ، نهضة مصر إصدار 2006 صفحة 121

الجمعة، ١٠ أغسطس ٢٠٠٧

مصطفي كامل


لا أريد أن أطيل القول في مصطفي كامل ، فحياته معروفة مشهورة .. و لكني أقول موجزاً:
أن مصطفي كامل كان شعاره الوطنية ، ووسيلته الوطنية ، وغرضه الوطنية ، و كلماته الوطنية ، و كتابته الوطنية ، و حياته الوطنية ، حتي لبسها و لبسته ، فصار بينهما التلازم الذهني و العرفي. فإذا ذكرت مصطفي كامل بخير ، فانما تطري الوطنية. و إذا قلت الوطنية فأن أول ما يتمثل لك في خيالك شخص مصطفي كامل .. كأنما هو و الوطنية شئ واحد ..!
و لقد تمثل ذلك في يوم وفاته في هذه المظاهرة التي لم تعرف لها في ذلك الزمان مثيلاً ، فقد اشترك جميع أفراد الأمة في أمر واحد ، علي رأي واحد ، بصورة واحدة مع اختلافهم في ما عداه..
كل هذا دل علي أن الشعور الذي قادهم ليس مذهباً سياسياً ، و لا طريقة من طرائق المنازعة السياسية ، بل هو أعلي من ذلك .. هو التضامن القومي ، و الجامعة الوطنية.
إن مصطفي كامل كان تمثال الوطنية .. و لقد دعوت في اليوم التالي لوفاته علي صفحات الجريدة إلي إقامة تمثال له يشهد بالاعتداد بفضله في عمله ، و تخليداً لذكراه ، و اعترافاً من الأمة لكل عامل يقف نفسه علي خدمتها ، و تجسد لهذه الروح الطاهرة و قد شاعت هذه الفكرة بين جميع الطبقات ، و فتحنا الاكتتاب علي صفحات " الجريدة " و تكلفنا بالقيام بهذا العمل ، و لو أننا لم نكن حزبه السياسي ، لأن مصطفي كان مصرياً لجميع المصريين.

من كتاب : أحمد لطفي السيد - قصة حياتي - الهيئة المصرية العامة للكتاب ( مهرجان القراءة للجميع - 1998 )صفحة 95

من أقواله المأثورة

  • لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً.
  • أحراراً في أوطاننا، كرماءاً مع ضيوفنا.
  • الأمل هو دليل الحياة والطريق إلى الحرية.
  • لا معني لليأس مع الحياة ولا معني للحياة مع اليأس.
  • إني أعتقد أن التعليم بلا تربية عديم الفائدة.
إقرأ عن مصطفي كامل علي الويكيبيديا